مولد سيدي جعفر بن حسن البرزنجي

[تم استبدال كلمة "قبره" بكلمة "روضه" ، كما تمت إضافة "وعلى آله" وذلك في الصلوات المكررة على حضرة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم]


بسم الله الرحمن الرحيم 

أبتدئ‭ ‬الإملاء‭ ‬باسم‭ ‬الذات‭ ‬العلية‭ ‬،‭ ‬مستدراً‭ ‬فيض‭ ‬البركات‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أناله‭ ‬وأولاه‭ ‬،‭ ‬وأثني‭ ‬بحمدٍ‭ ‬مواردُهُ‭ ‬سائغةٌ‭ ‬هنيةٌ‭ ‬،‭ ‬ممتطياً‭ ‬من‭ ‬الشكر‭ ‬الجميل‭ ‬مطاياه‭ ‬،‭ ‬وأصلي‭ ‬وأسلم‭ ‬على‭ ‬النور‭ ‬الموصوف‭ ‬بالتقدم‭ ‬والأولية‭ ‬،‭ ‬المنتقل‭ ‬في‭ ‬الغرر‭ ‬الكريمة‭ ‬والجباه‭ ‬،‭ ‬وأستَمْنِحُ‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬رضواناً‭ ‬يخص‭ ‬العترة‭ ‬الطاهرة‭ ‬النبوية‭ ‬،‭ ‬ويعم‭ ‬الصحابة‭ ‬والأتباع‭ ‬ومن‭ ‬والاه‭ ‬،‭ ‬وأستجديه‭ ‬هداية‭ ‬لسلوك‭ ‬السبل‭ ‬الواضحة‭ ‬الجلية‭ ‬،‭ ‬وحفظاً‭ ‬من‭ ‬الغَواية‭ ‬في‭ ‬خطط‭ ‬الخطأ‭ ‬وخطاه‭ ‬،‭ ‬وأنشر‭ ‬من‭ ‬قصة‭ ‬المولد‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف‭ ‬بروداً‭ ‬حساناً‭ ‬عبقرية‭ ‬،‭ ‬ناظماً‭ ‬من‭ ‬النسب‭ ‬الشريف‭ ‬عقداً‭ ‬تُحلّى‭ ‬المسامع‭ ‬بِحُلاه‭ ‬،‭ ‬وأستعين‭ ‬بحول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬وقوته‭ ‬القوية‭ ‬،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬إلا‭ ‬بالله‭. ‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

أما‭ ‬بعد‭ ‬فأقول: ‬هو‭ ‬سيدنا‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬المطلب‭ ‬واسمه‭ ‬شيبة‭ ‬الحمد‭ ‬،‭ ‬حمدت‭ ‬خصاله‭ ‬السنية‭ ‬،‭ ‬ابن‭ ‬هاشم‭ ‬واسمه‭ ‬عمرو‭ ‬،‭ ‬ابن‭ ‬عبد‭ ‬مناف‭ ‬واسمه‭ ‬المغيرة‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬الارتقاء‭ ‬لعلياه‭ ‬،‭ ‬ابن‭ ‬قصي‭ ‬واسمه‭ ‬مجمع‭ ‬،‭ ‬سمي‭ ‬بقصي‭ ‬لتقاصيه‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬قضاعة‭ ‬القصية‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أعاده‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬إلى‭ ‬الحرم‭ ‬المحترم‭ ‬فحمى‭ ‬حماه‭ ‬،‭ ‬ابن‭ ‬كلاب‭ ‬واسمه‭ ‬حكيم‭ ‬،‭ ‬ابن‭ ‬مرة‭ ‬بن‭ ‬كعب‭ ‬بن‭ ‬لؤي‭ ‬بن‭ ‬غالب‭ ‬بن‭ ‬فهر‭ ‬واسمه‭ ‬قريش‭ ‬،‭ ‬وإليه‭ ‬تنسب‭ ‬البطون‭ ‬القرشية‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬فوقه‭ ‬كناني‭ ‬كما‭ ‬جنح‭ ‬إليه‭ ‬الكثير‭ ‬وارتضاه‭ ‬،‭ ‬ابن‭ ‬مالك‭ ‬بن‭ ‬النضر‭ ‬بن‭ ‬كنانة‭ ‬بن‭ ‬خزيمة‭ ‬بن‭ ‬مدركة‭ ‬بن‭ ‬إلياس‭  ‬،‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬أهدى‭ ‬البدن‭ ‬إلى‭ ‬الرحاب‭ ‬الحرمية‭ ‬،‭ ‬وسمع‭ ‬في‭ ‬صلبه‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬ذكر‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬ولباه‭ ‬،‭ ‬ابن‭ ‬مضر‭ ‬بن‭ ‬نزار‭ ‬بن‭ ‬معد‭ ‬بن‭ ‬عدنان‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬سلك‭ ‬نظمت‭ ‬فرائده‭ ‬بنان‭ ‬السنة‭ ‬السنية‭ ‬،‭ ‬ورفعه‭ ‬إلى‭ ‬الخليل‭ ‬إبراهيم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬أمسك‭ ‬عنه‭ ‬الشارع‭ ‬وأباه‭ ‬،‭ ‬وعدنان‭ ‬بلا‭ ‬ريب‭ ‬عند‭ ‬ذوي‭ ‬العلوم‭ ‬النسبية‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬الذبيح‭ ‬إسماعيل‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬نسبته‭ ‬ومنتماه‭ ‬،‭ ‬فأعظم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬تألقت‭ ‬كواكبه‭ ‬الدرية‭ ‬،‭ ‬كيف‭ ‬لا‭ ‬والسيد‭ ‬الأكرم‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬واسطته‭ ‬المنتقاة‭.‬

نَسَــبٌ‭ ‬تَحْسِــبُ‭ ‬الْعُـلاَ‭ ‬بِـحُـلاَهُ‭ ‬
قَلَّــدَتْـهَــا‭ ‬نُـجَــومَهَـا‭ ‬الْجَـــوْزَاءُ‭ ‬
حَـبَّــــذَا‭ ‬عِقْـــدُ‭ ‬سُـــؤْدَدٍ‭ ‬وَفَخَـارٍ‭ ‬
أَنْتَ‭ ‬فِيــهِ‭ ‬الْيَتِيمَـــةُ‭ ‬الْعَصْمَــاءُ

وأكرم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬نسب‭ ‬طهره‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬من‭ ‬سفاح‭ ‬الجاهلية‭ ‬،‭ ‬أورد‭ ‬الزين‭ ‬العراقي‭ ‬وارده‭ ‬في‭ ‬مورده‭ ‬الهني‭ ‬ورواه‭ .‬

حَفِــظَ‭ ‬الإلـــهُ‭ ‬كَــرامََــةً‭ ‬لمُحمــدٍ‭ ‬
تَرَكوا‭ ‬السّفاحَ‭ ‬فلم‭ ‬يُصبهم‭ ‬عـارُهُ
آبــاءَه‭ ‬الأمــجــادَ‭ ‬صـوْناً‭ ‬لاســمِهِ‭ ‬
مـــن‭ ‬آدمٍ‭ ‬وإلــى‭ ‬أبيـــــه‭ ‬وأمِّـــــهِ

سراة‭ ‬سرى‭ ‬نور‭ ‬النبوة‭ ‬في‭ ‬أسارير‭ ‬غررهم‭ ‬البهية‭ ‬،‭ ‬وبدر‭ ‬بدره‭ ‬في‭ ‬جبين‭ ‬جده‭ ‬عبد‭ ‬المطلب‭ ‬وابنه‭ ‬عبد‭ ‬الله‭.‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله 

ولما‭ ‬أراد‭ ‬الله‭ ‬تبارك‭ ‬وتعالى‭ ‬إبراز‭ ‬حقيقته‭ ‬المحمدية‭ ‬،‭ ‬وإظهاره‭ ‬جسماً‭ ‬وروحاً‭ ‬بصورته‭ ‬ومعناه‭ ‬،‭ ‬نقله‭ ‬إلى‭ ‬مقره‭ ‬من‭ ‬صدفة‭ ‬آمنة‭ ‬الزهرية‭ ‬،‭ ‬وخصها‭ ‬القريب‭ ‬المجيب‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬أماً‭ ‬لمصطفاه‭ ‬،‭ ‬ونودي‭ ‬في‭ ‬السموات‭ ‬والأرض‭ ‬بحملها‭ ‬لأنواره‭ ‬الذاتية‭ ‬،‭ ‬وصبا‭ ‬كل‭ ‬صب‭ ‬لهبوب‭ ‬نسيم‭ ‬صباه‭ ‬،‭ ‬وكسيت‭ ‬الأرض‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬جدبها‭ ‬من‭ ‬النبات‭ ‬حللاً‭ ‬سندسية‭ ‬،‭ ‬وأينعت‭ ‬الثمار‭ ‬وأدنى‭ ‬الشجر‭ ‬للجاني‭ ‬جناه‭ ‬،‭ ‬ونطقت‭ ‬بحمله‭ ‬كل‭ ‬دابة‭ ‬لقريش‭ ‬بفصاح‭ ‬الألسن‭ ‬العربية‭ ‬،‭ ‬ وخرت‭ ‬الأسرة‭ ‬والأصنام‭ ‬على‭ ‬الوجوه‭ ‬والأفواه‭ ‬،‭ ‬وتباشرت‭ ‬وحوش‭ ‬المشارق‭ ‬والمغارب‭ ‬ودوابها‭ ‬البحرية‭ ‬،‭ ‬واحتست‭ ‬العوالم‭ ‬من‭ ‬السرور‭ ‬كأس‭ ‬حمياه‭ ‬،‭ ‬وبشرت‭ ‬الجن‭ ‬بإظلال‭ ‬زمنه‭ ‬،‭ ‬وانتهكت‭ ‬الكهانة‭ ‬ورهبت‭ ‬الرهبانية‭ ‬،‭ ‬ولهج‭ ‬بخبره‭ ‬كل‭ ‬حبر‭ ‬خبير‭ ‬وفي‭ ‬حلا‭ ‬حسنه‭ ‬تاه‭ ‬،‭ ‬وأوتيت‭ ‬أمه‭ ‬في‭ ‬المنام‭ ‬فقيل‭ ‬لها‭ ‬إنك‭ ‬قد‭ ‬حملت‭ ‬بسيد‭ ‬العالمين‭ ‬وخير‭ ‬البرية‭ ‬،‭ ‬فسميه‭ ‬إذا‭ ‬وضعته‭ ‬محمداً‭ ‬،‭ ‬لأنه‭ ‬ستحمد‭ ‬عقباه‭.‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

ولما‭ ‬تم‭ ‬من‭ ‬حمله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬شهران‭ ‬على‭ ‬مشهور‭ ‬الأقوال‭ ‬المروية‭ ‬،‭ ‬توفي‭ ‬بالمدينة‭ ‬المنورة‭ ‬أبوه‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬اجتاز‭ ‬بأخواله‭ ‬بني‭ ‬عدي‭ ‬من‭ ‬الطائفة‭ ‬النجارية‭ ‬،‭ ‬ومكث‭ ‬فيهم‭ ‬شهراً‭ ‬سقيماً‭ ‬يعانون‭ ‬سقمه‭ ‬وشكواه‭ ‬،‭ ‬ولما‭ ‬تم‭ ‬من‭ ‬حمله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬على‭ ‬الراجح‭ ‬تسعة‭ ‬أشهر‭ ‬قمرية‭ ‬،‭ ‬وآن‭ ‬للزمان‭ ‬أن‭ ‬ينجلي‭ ‬عنه‭ ‬صداه‭ ‬،‭ ‬حضر‭ ‬أمه‭ ‬ليلة‭ ‬مولده‭ ‬الشريف‭ ‬آسية‭ ‬ومريم‭ ‬في‭ ‬نسوة‭ ‬من‭ ‬الحظيرة‭ ‬القدسية‭ ‬،‭ ‬فأخذها‭ ‬المخاض‭ ‬فوضعته‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬نوراً‭ ‬يتلألأ‭ ‬سناه‭.‬

--- ‬محلّ‭ ‬القيام‭ ‬المستحسن‭ --- 

فَقُـمْ‭ ‬أيّها‭ ‬الراجـي‭ ‬لِنَيْـلِ‭ ‬شفاعَـةٍ‭ ‬قِيَـامَ‭ ‬مُحِبٍّ‭ ‬صـادِقِ‭ ‬القـوْلِ‭ ‬والأدبْ
قَلِيلٌ‭ ‬لِمَدْحِ‭ ‬المُصطفـى‭ ‬الخَطُّ‭ ‬بالذهبْ‭ ‬على‭ ‬فِضَّةٍ‭ ‬مِنْ‭ ‬خَطِّ‭ ‬أحسَنِ‭ ‬مَنْ‭ ‬كتَـبْ
وأنْ‭ ‬تنهـضَ‭ ‬الأشراف‭ ‬عند‭ ‬سماعـه‭ ‬قِيَاماً‭ ‬صُفُوفـاً‭ ‬أوْ‭ ‬جُثِيّاً‭ ‬على‭ ‬الرُّكَـبْ
أمّـا‭ ‬اللـه‭ ‬تعظيمـا‭ ‬له‭ ‬كَتَبَ‭ ‬اسْمَـهُ‭ ‬على‭ ‬عرشـه‭ ‬يا‭ ‬رُتْبَةً‭ ‬سَمَتِ‭ ‬الرُّتَـبْ
أبَـانَ‭ ‬مَوْلِـدُهُ‭ ‬عنْ‭ ‬طِيـبِ‭ ‬عُنْصُـرِهِ‭ ‬يَـا‭ ‬طِيـبَ‭ ‬مُبْتَـدَإ‭ ‬مِنـهُ‭ ‬ومُخْتَـتَـمِ
بُشـرَى‭ ‬لنَا‭ ‬مَعشَـرَ‭ ‬الإسْلاَم‭ ‬إنّ‭ ‬لَنَـا‭ ‬مِـنَ‭ ‬العِنَايَـة‭ ‬رُكْنـاً‭ ‬غَيْـر‭ ‬مُنْهَـدِمِ
تَبَاشَـرَت‭ ‬الأمْـلاَكُ‭ ‬حِيـنَ‭ ‬ظُهُـورهِ‭ ‬وَفَاحَـت‭ ‬بهِ‭ ‬الأرْجَاءُ‭ ‬شَرْقاً‭ ‬وَمَغْرِبَـا
وَنَـادَى‭ ‬لِسَـانُ‭ ‬الْكَوْنِ‭ ‬طُرّاً‭ ‬بِأَسْـرِهِ‭ ‬فَأهْـلاً‭ ‬وَسَهْـلا‭ ‬بِالْحَبِيـبِ‭ ‬وَمَرْحَبَـا

مَرْحَبَا‭ ‬يَا‭ ‬مَرْحَبَا‭ ‬بِالحَبِيبِ‭ ‬الْمُصْطَفَـى‭ ‬مَرْحَبَـا‭ ‬يَا‭ ‬مَرْحَبَا‭ ‬بِالحَبِيبِ‭ ‬الْمُقْتَفَـى
مَرْحَبَا‭ ‬يَا‭ ‬مَرْحَبَا‭ ‬مَرْحَبَا‭ ‬يَا‭ ‬نُورَ‭ ‬الْعَيْن‭ ‬مَرْحَبَا‭ ‬يَا‭ ‬مَرْحَبَا‭ ‬مَرْحَبَا‭ ‬جدَّ‭ ‬الحُسَيْـن
الأمَـانَ‭ ‬الأمَـانَ‭ ‬الأمَـانَ‭ ‬يَـا‭ ‬رَسُـولَ‭ ‬اللـه‭ ‬الأمَـانَ‭ ‬الأمَـانَ‭ ‬الأمَـانَ‭ ‬يَـا‭ ‬حَبِـيـبَ‭ ‬اللـه

هذا‭ ‬وقد‭ ‬استحسن‭ ‬القيام‭ ‬عند‭ ‬ذكر‭ ‬مولده‭ ‬الشريف‭ ‬أئمة‭ ‬ذوو‭ ‬رواية‭ ‬وروية‭ ‬،‭ ‬فطوبى‭ ‬لمن‭ ‬كان‭ ‬تعظيمه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬غاية‭ ‬مرامه‭ ‬ومرماه‭. ‬

وبرز‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬واضعاً‭ ‬يديه‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬رافعاً‭ ‬رأسه‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ ‬العلية‭ ‬،‭ ‬مومياً‭ ‬بذلك‭ ‬الرفع‭ ‬إلى‭ ‬سؤدده‭ ‬وعلاه‭ ‬،‭ ‬ومشيراً‭ ‬إلى‭ ‬رفعة‭ ‬قدره‭ ‬على‭ ‬سائر‭ ‬البرية‭ ‬،‭ ‬وأنه‭ ‬الحبيب‭ ‬الذي‭ ‬حسنت‭ ‬طباعه‭ ‬وسجاياه‭. ‬

ومُحياً‭ ‬كالشـَّمـسِ‭ ‬منكَ‭ ‬مُـضِـيءٌ‭ ‬
أســفـــرت‭ ‬عنـــه‭ ‬لـيلــــةٌ‭ ‬غـَــــرَّاءُ
ليلــةُ‭ ‬المـولـد‭ ‬الـذي‭ ‬كــان‭ ‬للدِّيـ‭ ‬
ـنِ‭ ‬سُـــــرورٌ‭ ‬بـيـومــــه‭ ‬وازِدهــــاءُ
مَـولـدٌ‭ ‬كان‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬طالــع‭ ‬الكفـ‭ ‬
ــرِ‭ ‬وبـــالٌ‭ ‬عــلـيـهــم‭ ‬ووبــــــــاءُ
يـوم‭ ‬نالـت‭ ‬بوضعـه‭ ‬ابنــة‭ ‬وهــبٍ‭ ‬
من‭ ‬فخـَارٍ‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تنـلـه‭ ‬النـســـاءُ
وأتت‭ ‬قـومهــــا‭ ‬بأفضـــل‭ ‬مـمـَّــا‭ ‬
حملـت‭ ‬قبــلُ‭ ‬مـريــم‭ ‬العــــذراءُ
وتوالـت‭ ‬بُشـرى‭ ‬الهواتـف‭ ‬أن‭ ‬قـد‭ ‬
وُلِـدَ‭ ‬المـصطفــى‭ ‬وحَـقَّ‭ ‬الهنــاءُ

ودعت‭ ‬أمه‭ ‬عبد‭ ‬المطلب‭ ‬وهو‭ ‬يطوف‭ ‬بهاتيك‭ ‬البنية‭ ‬،‭ ‬فأقبل‭ ‬مسرعاً‭ ‬ونظر‭ ‬إليه‭ ‬وبلغ‭ ‬من‭ ‬السرور‭ ‬مناه‭ ‬،‭ ‬وأدخله‭ ‬الكعبة‭ ‬الغراء‭ ‬وقام‭ ‬يدعو‭ ‬بخلوص‭ ‬النية‭ ‬،‭ ‬ويشكر‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬به‭ ‬عليه‭ ‬وأعطاه‭ ‬،‭ ‬ووُلد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬نظيفاً‭ ‬مختوناً‭ ‬مقطوع‭ ‬السرة‭ ‬بيد‭ ‬القدرة‭ ‬الإلهية‭ ‬،‭ ‬طيباً‭ ‬دهيناً‭ ‬مكحولةً‭ ‬بكحل‭ ‬العناية‭ ‬عيناه‭ ‬،‭ ‬وقيل‭ ‬ختنه‭ ‬جده‭ ‬عبد‭ ‬المطلب‭ ‬بعد‭ ‬سبع‭ ‬ليال‭ ‬سوية‭ ‬،‭ ‬وأولَمَ‭ ‬وأطعم‭ ‬وسماه‭ ‬محمداً‭ ‬وأكرم‭ ‬مثواه‭.‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

وظهر‭ ‬عند‭ ‬ولادته‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬خوارق‭ ‬وغرائب‭ ‬غيبية‭ ‬،‭ ‬إرهاصاً‭ ‬لنبوته‭ ‬وإعلاماً‭ ‬بأنه‭ ‬مختار‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬ومجتباه‭ ‬،‭ ‬فزيدت‭ ‬السماء‭ ‬حفظاً‭ ‬ورد‭ ‬عنها‭ ‬المردة‭ ‬وذوو‭ ‬النفوس‭ ‬الشيطانية‭ ‬،‭ ‬ورجمت‭ ‬نجوم‭ ‬النيران‭ ‬كل‭ ‬رجيم‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬مرقاه‭ ‬،‭ ‬وتدلت‭ ‬إليه‭ ‬الأنجم‭ ‬الزهرية‭ ‬،‭ ‬واستنارت‭ ‬بنورها‭ ‬وهاد‭ ‬الحرم‭ ‬ورباه‭ ‬،‭ ‬وخرج‭ ‬معه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬نور‭ ‬أضاءت‭ ‬له‭ ‬قصور‭ ‬الشام‭ ‬القيصرية‭ ‬،‭ ‬فرآها‭ ‬من‭ ‬ببطاح‭ ‬مكة‭ ‬داره‭ ‬ومغناه‭ ‬،‭ ‬وانصدع‭ ‬إيوان‭ ‬كسرى‭ ‬بالمدائن‭ ‬الكسروية‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬رفع‭ ‬أنوشروان‭ ‬سمكاه‭ ‬وسواه‭ ‬،‭ ‬وسقط‭ ‬أربع‭ ‬وعشر‭ ‬من‭ ‬شرفاته‭ ‬العلوية‭ ‬،‭ ‬وكسر‭ ‬سرير‭ ‬الملك‭ ‬كسرى‭ ‬لهول‭ ‬ما‭ ‬أصابه‭ ‬وعراه‭ ‬،‭ ‬وخمدت‭ ‬النيران‭ ‬المعبودة‭ ‬بالممالك‭ ‬الفارسية‭ ‬،‭ ‬لطلوع‭ ‬بدره‭ ‬المنير‭ ‬وإشراق‭ ‬محياه‭ ‬،‭ ‬وغاضت‭ ‬بحيرة‭ ‬ساوة‭ ‬وكانت‭ ‬بين‭ ‬همدان‭ ‬وقم‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬العجمية‭ ‬،‭ ‬وجفت‭ ‬إذ‭ ‬كف‭ ‬واكف‭ ‬موجها‭ ‬الثجاج‭ ‬ينابيع‭ ‬هاتيك‭ ‬المياه‭ ‬،‭ ‬وفاض‭ ‬وادي‭ ‬سماوة‭ ‬وهي‭ ‬مفازة‭ ‬في‭ ‬فلاة‭ ‬وبرية‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ماء‭ ‬ينقع‭ ‬للظمآن‭ ‬اللهاة‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬مولده‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بالموضع‭ ‬المعروف‭ ‬بالعِراص‭ ‬المكية‭ ‬،‭ ‬والبلد‭ ‬الحرام‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يُعْضَد‭ ‬شجره‭ ‬ولا‭ ‬يختلى‭ ‬خلاه‭ ‬،‭ ‬واختُلِف‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬ولادته‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬شهرها‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬يومها‭ ‬على‭ ‬أقوال‭ ‬للعلماء‭ ‬مروية‭ ‬،‭ ‬والراجح‭ ‬أنها‭ ‬صبيحة‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬ثاني‭ ‬عشر‭ ‬شهر‭ ‬ربيع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬الفيل‭ ‬الذي‭ ‬صده‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عن‭ ‬الحرم‭ ‬وحماه‭. ‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

وأرضعته‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬أمه‭ ‬أياماً‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬أرضعته‭ ‬ثويبة‭ ‬الأسلمية‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬أعتقها‭ ‬أبو‭ ‬لهب‭ ‬حين‭ ‬وافته‭ ‬عند‭ ‬ميلاده‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬ببشراه‭ ‬،‭ ‬فأرضعته‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬مع‭ ‬ابنها‭ ‬مسروح‭ ‬وأبي‭ ‬سلمة‭ ‬وهي‭ ‬به‭ ‬حفية‭ ‬،‭ ‬وأرضعت‭ ‬قبله‭ ‬حمزة‭ ‬الذي‭ ‬حمد‭ ‬في‭ ‬نُصرةِ‭ ‬الدين‭ ‬سراه‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬يبعث‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬المدينة‭ ‬بصلة‭ ‬وكسوة‭ ‬هي‭ ‬بها‭ ‬حَرِية‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أورد‭ ‬هيكلها‭ ‬رائد‭ ‬المنون‭ ‬الضريح‭ ‬وواراه‭ ‬،‭ ‬قيل‭ ‬على‭ ‬دين‭ ‬قومها‭ ‬الفئة‭ ‬الجاهلية‭ ‬،‭ ‬وقيل‭ ‬أسلمت‭ ‬أثبت‭ ‬الخلاف‭ ‬ابن‭ ‬مندة‭ ‬وحكاه‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬أرضعته‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬الفتاة‭ ‬حليمة‭ ‬السعدية‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬رد‭ ‬كلُّ‭ ‬القوم‭ ‬ثديَها‭ ‬لفقرها‭ ‬وأباه‭ ‬،‭ ‬فأخصب‭ ‬عيشها‭ ‬بعد‭ ‬المحل‭ ‬قبل‭ ‬العشية‭ ‬،‭ ‬ودر‭ ‬ثديها‭ ‬بدر‭ ‬ألبنه‭ ‬اليمين‭ ‬منهما‭ ‬وألبن‭ ‬الآخر‭ ‬أخاه‭ ‬،‭ ‬وأصبحت‭ ‬بعد‭ ‬الفقر‭ ‬والهزال‭ ‬غنية‭ ‬،‭ ‬وسمنت‭ ‬الشارفُ‭ ‬لديها‭ ‬والشياه‭ ‬،‭ ‬وانجاب‭ ‬عن‭ ‬جانبها‭ ‬كل‭ ‬ملمة‭ ‬ورزية‭ ‬،‭ ‬وطرز‭ ‬السعدُ‭ ‬بردَ‭ ‬عيشها‭ ‬الهني‭ ‬ووَشّاه‭.‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

وكان‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬يشب‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬شباب‭ ‬الصبي‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬بعناية‭ ‬ربانية‭ ‬،‭ ‬فقام‭ ‬على‭ ‬قدميه‭ ‬في‭ ‬ثلاث‭ ‬،‭ ‬ومشى‭ ‬في‭ ‬خمس‭ ‬،‭ ‬وقويت‭ ‬في‭ ‬تسع‭ ‬من‭ ‬الشهور‭ ‬بفصيح‭ ‬النطق‭ ‬قواه‭ ‬،‭ ‬وشق‭ ‬الملكان‭ ‬صدره‭ ‬الشريف‭ ‬لديها‭ ‬وأخرجا‭ ‬منه‭ ‬علقة‭ ‬دموية‭ ‬،‭ ‬وأزالا‭ ‬منه‭ ‬حظ‭ ‬الشيطان‭ ‬وبالثلج‭ ‬غسلاه‭ ‬،‭ ‬وملآه‭ ‬حكمة‭ ‬ومعاني‭ ‬إيمانية‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬خاطاه‭ ‬وبخاتم‭ ‬النبوة‭ ‬ختماه‭ ‬،‭ ‬ووزناه‭ ‬فرجح‭ ‬بألف‭ ‬من‭ ‬أمته‭ ‬الخيرية‭ ‬،‭ ‬ونشأ‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬الأوصاف‭ ‬من‭ ‬حال‭ ‬صباه‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬ردته‭ ‬إلى‭ ‬أمه‭ ‬وهي‭ ‬به‭ ‬غير‭ ‬سخية‭ ‬،‭ ‬حذراً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يصاب‭ ‬بمصاب‭ ‬تخشاه‭ ‬،‭ ‬ووفدت‭ ‬عليه‭ ‬حليمة‭ ‬السعدية‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬خديجة‭ ‬السيدة‭ ‬المرضية‭ ‬،‭ ‬فحباها‭ ‬من‭ ‬حبائه‭ ‬الوافر‭ ‬بمحياه‭ ‬،‭ ‬وقدمت‭ ‬عليه‭ ‬يوم‭ ‬حنين‭ ‬فقام‭ ‬إليها‭ ‬وأخذته‭ ‬الأريحية‭ ‬،‭ ‬وبسط‭ ‬لها‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬من‭ ‬ردائه‭ ‬الشريف‭ ‬بساط‭ ‬بره‭ ‬ونداه‭ ‬،‭ ‬والصحيح‭ ‬أنها‭ ‬أسلمت‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬والبنين‭ ‬والذرية‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬عدهما‭ ‬في‭ ‬الصحابة‭ ‬جمع‭ ‬من‭ ‬ثقاة‭ ‬الرواة‭. ‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

ولما‭ ‬بلغ‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬أربع‭ ‬سنين‭ ‬خرجت‭ ‬به‭ ‬أمه‭ ‬إلى‭ ‬المدينة‭ ‬النبوية‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬عادت‭ ‬فوافتها‭ ‬بالأبواء‭ ‬أو‭ ‬بشعب‭ ‬الحجون‭ ‬الوفاة‭ ‬،‭ ‬وحملته‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬حاضنته‭ ‬أم‭ ‬أيمن‭ ‬الحبشية‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬زوجها‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬زيد‭ ‬بن‭ ‬حارثة‭ ‬مولاه‭ ‬،‭ ‬وأدخلته‭ ‬على‭ ‬عبدالمطلب‭ ‬فضمه‭ ‬إليه‭ ‬ورق‭ ‬إليه‭ ‬وأعلا‭ ‬رقيه‭ ‬،‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬لابني‭ ‬هذا‭ ‬شأناً‭ ‬عظيماً‭ ‬،‭ ‬فبخ‭ ‬بخ‭ ‬لمن‭ ‬وقره‭ ‬ووالاه‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬تشك‭ ‬في‭ ‬صباه‭ ‬جوعاً‭ ‬ولا‭ ‬عطشاً‭ ‬قط‭ ‬نفسه‭ ‬الأبية‭ ‬،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬غدا‭ ‬فاغتذى‭ ‬بماء‭ ‬زمزم‭ ‬فأشبعه‭ ‬وأرواه‭.‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

ولما‭ ‬أنيخت‭ ‬بفناء‭ ‬جده‭ ‬عبد‭ ‬المطلب‭ ‬مطايا‭ ‬المنية‭ ‬،‭ ‬كفله‭ ‬عمه‭ ‬أبو‭ ‬طالب‭ ‬شقيق‭ ‬أبيه‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬،‭ ‬فقام‭ ‬بكفالته‭ ‬بعزم‭ ‬قوي‭ ‬وهمة‭ ‬وحمية‭ ‬،‭ ‬وقدمه‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬والبنين‭ ‬ورباه‭ ‬،‭ ‬ولما‭ ‬بلغ‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬اثنتي‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬رحل‭ ‬به‭ ‬عمه‭ ‬أبو‭ ‬طالب‭ ‬إلى‭ ‬البلاد‭ ‬الشامية‭ ‬،‭ ‬وعرفه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬الراهب‭ ‬بحيرا‭ ‬بما‭ ‬حازه‭ ‬من‭ ‬وصف‭ ‬النبوة‭ ‬وحواه‭ ‬،‭ ‬وقال‭ ‬إني‭ ‬أراه‭ ‬سيد‭ ‬العالمين‭ ‬ورسول‭ ‬الله‭ ‬ونبيه‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬سجد‭ ‬له‭ ‬الشجر‭ ‬والحجر‭ ‬ولا‭ ‬يسجدان‭ ‬إلا‭ ‬لنبي‭ ‬أواه‭ ‬،‭ ‬وإنا‭ ‬لنجد‭ ‬نعته‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬القديمة‭ ‬السماوية‭ ‬،‭ ‬وبين‭ ‬كتفيه‭ ‬خاتم‭ ‬النبوة‭ ‬قد‭ ‬عمه‭ ‬النور‭ ‬وعلاه‭ ‬،‭ ‬وأمر‭ ‬عمه‭ ‬برده‭ ‬إلى‭ ‬مكة‭ ‬تخوفاً‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬دين‭ ‬اليهودية‭ ‬،‭ ‬فرجع‭ ‬به‭ ‬ولم‭ ‬يجاوز‭ ‬من‭ ‬الشام‭ ‬المقدس‭ ‬بصراه‭.‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

ولما‭ ‬بلغ‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬خمساً‭ ‬وعشرين‭ ‬سنة‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬بصرى‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬لخديجة‭ ‬الفتية‭ ‬،‭ ‬ومعه‭ ‬غلامها‭ ‬ميسرة‭ ‬يخدمه‭ ‬ويقوم‭ ‬بما‭ ‬عناه‭ ‬،‭ ‬ونزل‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬تحت‭ ‬شجرة‭ ‬لدى‭ ‬صومعةِ‭ ‬نسطورا‭ ‬راهبُ‭ ‬النصرانية‭ ‬،‭ ‬ فعرفه‭ ‬إذ‭ ‬مال‭ ‬إليه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬ظلُّها‭ ‬الوارف‭ ‬وآواه‭ ‬،‭ ‬وقال‭ ‬ما‭ ‬نزل‭ ‬تحت‭ ‬هذه‭ ‬الشجرة‭ ‬إلا‭ ‬نبيٌّ‭ ‬ذو‭ ‬صفات‭ ‬تقية‭ ‬،‭ ‬ورسولٌ‭ ‬قد‭ ‬خصه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بالفضائل‭ ‬وحباه‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬قال‭ ‬لميسرة‭ ‬أفي‭ ‬عينيه‭ ‬حمرة‭ ‬استظهاراً‭ ‬للعلامة‭ ‬الخفية‭ ‬،‭ ‬فأجابه‭ ‬بنعم‭ ‬فحق‭ ‬لديه‭ ‬ما‭ ‬ظنه‭ ‬وتوخاه‭ ‬،‭ ‬وقال‭ ‬لميسرة‭ ‬لا‭ ‬تفارقه‭ ‬وكن‭ ‬معه‭ ‬بصدق‭ ‬عزم‭ ‬وحسن‭ ‬طوية ‭ ‬،‭ ‬فإنه‭ ‬ممن‭ ‬أكرمه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بالنبوة‭ ‬واجتباه‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬عاد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬إلى‭ ‬مكة‭ ‬فرأته‭ ‬خديجة‭ ‬مقبلاً‭ ‬وهي‭ ‬بين‭ ‬نسوة‭ ‬في‭ ‬علية‭ ‬،‭ ‬وملكان‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬الشريف‭ ‬من‭ ‬وضح‭ ‬الشمس‭ ‬قد‭ ‬أظلاه‭ ‬،‭ ‬وأخبرها‭ ‬ميسرة‭ ‬بأنه‭ ‬رأى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬السفر‭ ‬كله‭ ‬وبما‭ ‬قاله‭ ‬الراهب‭ ‬وأودعه‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬الوصية‭ ‬،‭ ‬وضاعف‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬ربح‭ ‬تلك‭ ‬التجارة‭ ‬ونماه‭ ‬،‭ ‬فبان‭ ‬لخديجة‭ ‬بما‭ ‬رأت‭ ‬وسمعت‭ ‬أنه‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬إلى‭ ‬البرية‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬خصه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بقربه‭ ‬واصطفاه‭ ‬،‭ ‬فَخَطَبَتْهُ‭ ‬لنفسها‭ ‬الزَّكيَّة‭ ‬لتشمَّ‭ ‬من‭ ‬الإيمان‭ ‬به‭ ‬طِيبَ‭ ‬رَيَّاه‭ ‬،‭ ‬فَأَخبَرَ‭ ‬أَعمامهُ‭ ‬بما‭ ‬دَعتهُ‭ ‬إليه‭ ‬هذه‭ ‬البَرَّةُ التَّقيَّة‭ ‬،‭ ‬فَرغِبُوا‭ ‬فيها: لِفَضْلٍ‭ ‬،‭ ‬ودِينٍ‭ ‬،‭ ‬وجَمالٍ‭ ‬،‭ ‬وحَسبٍ‭ ‬،‭ ‬كُلُّ‭ ‬من‭ ‬القَومِ‭ ‬يَهوَاه‭ ‬،‭ ‬وخَطبَ‭ ‬أبو‭ ‬طالب‭ ‬وأثنى‭ ‬عليه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حَمِدَ‭ ‬الله‭ ‬تَعالى‭ ‬بمحامِدَ‭ ‬سنيَّة‭ ‬،‭ ‬وقال: ‬وهُو‭ ‬والله‭ ‬بَعْدُ‭ ‬له‭ ‬نَبأٌ‭ ‬عظيمٌ‭ ‬،‭ ‬يُحمَدُ‭ ‬فيه‭ ‬سُرَاه‭ ‬،‭ ‬فزوَّجها‭ ‬منه‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭ ‬أبُوها‭ ‬،‭ ‬وقيل‭:‬ عمُّها‭ ‬،‭ ‬وقيل: ‬أخوها‭ ‬،‭ ‬لسابق‭ ‬سعادتها‭ ‬الأزليَّة‭ ‬،‭ ‬وأوْلَدَها‭ ‬كُلَّ‭ ‬أولادِه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬،‭ ‬إلاً‭ ‬الذي‭ ‬باسم‭ ‬الخليل‭ ‬سَمَّاه‭.‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬
وعلى آله

ولمَّا‭ ‬بلغ‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬خمساً‭ ‬وثلاثين‭ ‬سنةً‭ ‬،‭ ‬بَنَت‭ ‬قُريشٌ‭ ‬ن‭ ‬الكعبة‭ ‬لانصِداعِهَا‭ ‬بالسُّيول‭ ‬الأبطحية‭ ‬،‭ ‬وتَنَازَعُوا‭ ‬في‭ ‬رَفِع‭ ‬الحجر‭ ‬الأسود‭ ‬،‭ ‬فكلٌّ‭ ‬أراد‭ ‬رَفعَهُ‭ ‬ورجاه‭ ‬،‭ ‬وعَظُمَ‭ ‬القِيلُ‭ ‬والقَالُ‭ ‬،‭ ‬وتحالفُوا‭ ‬على‭ ‬القِتَال‭ ‬،‭ ‬وقَوِيَتْ‭ ‬العصبية‭ ‬،‭ ‬ثمَّ‭ ‬تداعوا‭ ‬إلى‭ ‬الإنصاف‭ ‬،‭ ‬وفوَّضوا‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬ذِي‭ ‬رَأيٍ‭ ‬صَائِبٍ‭ ‬وأَنَاة‭ ‬،‭ ‬فَحَكَم‭ ‬بتحكيم‭ ‬أَوَّلِ‭ ‬دَاخلٍ‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬السَّدنة‭ ‬الشَّيبيَّة‭ ‬،‭ ‬فكان‭ ‬النبيّ‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬أَوَّلَ‭ ‬دَاخلٍ‭ ‬،‭ ‬فقالوا‭:‬ هذا‭ ‬الأمين‭ ‬،‭ ‬وكُلُّنا‭ ‬نَقْبلهُ‭ ‬ونَرْضَاه‭ ‬،‭ ‬فأخبروه‭ ‬بأنهم‭ ‬رَضُوه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صَاحِبَ‭ ‬الحُكْم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المُلِمِّ‭ ‬وَوَليّه‭ ‬،‭ ‬فوضع‭ ‬الحجر‭ ‬في‭ ‬ثَوبٍ‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬أَمَر‭ ‬أَن‭ ‬تَرفَعهُ‭ ‬القبائل‭ ‬جميعاً‭ ‬إلى‭ ‬مُرتَقاه‭ ‬،‭ ‬فَرَفعُوهُ‭ ‬إلى‭ ‬مَقَرّهِ‭ ‬من‭ ‬رُكنِ‭ ‬هاتيك‭ ‬البَنِيَّة‭ ‬،‭ ‬ووضعه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بيده‭ ‬الشريفة‭ ‬في‭ ‬موضعه‭ ‬الآن‭ ‬وبَنَاه‭ ‬،‭ ‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

ولمَّا‭ ‬كَمُل‭ ‬له‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬أربعون‭ ‬سَنة‭ ‬على‭ ‬أوفق‭ ‬الأقوال‭ ‬لذوي‭ ‬العَالِميَّة‭ ‬،‭ ‬بَعثَه‭ ‬الله‭ ‬تَعالى‭ ‬للعالمين‭ ‬بشيراً‭ ‬ونذيراً‭ ‬،‭ ‬فَعَمّهم‭ ‬بِرُحْمَاه‭ ‬،‭ ‬وَبُدِىءَ‭ ‬إلى‭ ‬تمام‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬بالرؤيا‭ ‬الصادقة‭ ‬الجلية‭ ‬،‭ ‬فكان‭ ‬لا‭ ‬يَرى‭ ‬رُؤيا‭ ‬إلا‭ ‬جاءت‭ ‬مثل‭ ‬فَلَقِ‭ ‬صُبحٍ‭ ‬ضَاء‭ ‬سَناه‭ ‬،‭ ‬وإنما‭ ‬ابتُدىءَ‭ ‬بالرؤيا‭ ‬،‭ ‬تمريناً‭ ‬للقُوى‭ ‬البشرية‭ ‬،‭ ‬لئلا‭ ‬يَفْجَأَهُ‭ ‬المَلَكُ‭ ‬بِصَريحِ‭ ‬النُّبوةِ‭ ‬،‭ ‬فلا‭ ‬تَقْواه‭ ‬قُوَاه‭ ‬،‭ ‬وَحُبِّبَ‭ ‬إليه‭ ‬الخَلاءُ‭ ‬،‭ ‬فكان‭ ‬يَتَعَبَّدُ‭ ‬بحراءٍ‭ ‬الليالي‭ ‬العدَدِية‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أَتاهُ‭ ‬فيه‭ ‬صَرِيحُ‭ ‬الحقِّ‭ ‬ووَافَاه‭ ‬،‭ ‬وذلك‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬لسبعَ‭ ‬عشرة‭ ‬َخلت‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬الليلة‭ ‬القَدرِية‭ ‬،‭ ‬وثَمَّ‭ ‬أقوالٌ‭:‬ لسبعٍ‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬لأربع‭ ‬وعشرين‭ ‬منه‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬لثمانٍ‭ ‬من‭ ‬مولده‭ ‬الذي‭ ‬بدا‭ ‬فيه‭ ‬بَدرُ‭ ‬مُحَيّاه‭ ‬،‭ ‬فقال‭ ‬له‭:‬ اقرأ‭ ‬،‭ ‬فقال‭:‬ ما‭ ‬أنا‭ ‬بِقَارىء‭ ‬،‭ ‬فَغَطَّهُ‭ ‬غطّةً‭ ‬قَويّةً‭ ‬،‭ ‬ثمّ‭ ‬قال‭ ‬له‭: ‬اقرأ‭ ‬،‭ ‬فقال: ‬ما‭ ‬أنا‭ ‬بِقَارىء‭ ‬،‭ ‬فَغطَّهُ‭ ‬ثانية‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬منه‭ ‬الجَهد‭ ‬وغَطَّاه‭ ‬،‭ ‬ثمَّ‭ ‬قال‭ ‬له: ‬اقرأ‭ ‬،‭ ‬فقال‭:‬ ما‭ ‬أنا‭ ‬بِقَارىء‭ ‬،‭ ‬فَغَطَّه‭ ‬ثالثة‭ ‬ًليتوجَّه‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سَيُلْقى‭ ‬إليه‭ ‬بِجَمْعيه‭ ‬،‭ ‬وَ‭ ‬يُقَابلهُ‭ ‬بِجِدٍّ‭ ‬واجتهادٍ‭ ‬ويتلقاه‭ ‬،‭ ‬ثمَّ‭ ‬فَتَرَ‭ ‬الوحي‭ ‬ثلاث‭ ‬سنين‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬ثلاثين‭ ‬شهراً‭ ‬،‭ ‬ليشتاق‭ ‬إلى‭ ‬انتشاق‭ ‬هَاتِيكَ‭ ‬النَّفَحَاتِ‭ ‬الشَّذيَّة‭ ‬،‭ ‬ثُمَّ‭ ‬أُنْزِلت‭ ‬عليه صلى الله عليه وسلم ‭ ‬‮«‬يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬المُدَّثِّر‮»‬‭ ‬ وَجاءهُ‭ ‬جِبْريلُ‭ ‬بها‭ ‬ونَادَاه‭ ‬،‭ ‬فكان‭ ‬لنبوَّته‭ ‬في‭ ‬تقدُّم ‭ ‬‮«‬اقْرَأْ‭ ‬بِاسْمِ‭ ‬رَبِّكَ‮»‬‭ ‬ شَاهِدٌ‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬لها‭ ‬السابقيَّة‭ ‬،‭ ‬والتَّقدُّم‭ ‬على‭ ‬رسالته‭ ‬بالبشارة‭ ‬والنَّذارَةِ‭ ‬لمن‭ ‬دَعاه‭. ‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

وأوَّلُ‭ ‬من‭ ‬آمن‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الرِّجال:‬ أبو‭ ‬بكرٍ‭ ‬صَاحبُ‭ ‬الغَار‭ ‬والصِّدِّيقيَّة‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬الصِّبيان‭:‬ عَليٌّ‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬النِّساء:‬ خديجة‭ ‬التي‭ ‬ثبَّت‭ ‬الله‭ ‬تَعالى‭ ‬بها‭ ‬قَلبهُ‭ ‬وَوَقَاه‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬الموالي: ‬زيد‭ ‬بن‭ ‬حارثة‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬الأرقَّاء:‬ بِلاَلٌ‭ ‬ن‭ ‬الذي‭ ‬عَذبه‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬أُميَّة‭ ‬،‭ ‬وأَولاَهُ‭ ‬مَولاهُ‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬من‭ ‬العِتْقِ‭ ‬ما‭ ‬أولاه‭ ‬،‭ ‬ثمَّ‭ ‬أَسلَمَ‭:‬ عُثمان‭ ‬،‭ ‬وسَعدٌ‭ ‬،‭ ‬وسَعيدٌ‭ ‬،‭ ‬وطَلحة‭ ‬ٌ،‭ ‬وابن‭ ‬عَوفٍ‭ ‬،‭ ‬وابن‭ ‬العمَّة‭ ‬صَفِيَّة‭ ‬،‭ ‬وغيرهم‭ ‬ممن‭ ‬أَنْهلَهُ‭ ‬الصدِّيق‭ ‬رَحِيق‭ ‬التَّصديق‭ ‬وَسَقاه‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬زَالت‭ ‬عِبادتهُ‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬وأصحابه‭ ‬مَخْفِيَّة‭ ‬حتَّى‭ ‬أُنزِلَ‭ ‬عليه صلى الله عليه وسلم ‭‬‮«‬فَاصْدَعْ‭ ‬بِما‭ ‬تُؤْمَرُ‮»‬ ‬فَجَهَرَ‭ ‬بِدُعاء‭ ‬الخَلْقِ‭ ‬إلى الله‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬يَبْعُدْ‭ ‬منه‭ ‬قَومهُ‭ ‬حتَّى‭ ‬عَابَ‭ ‬آلهتهم‭ ‬وأَمَرَ‭ ‬بِرَفضِ‭ ‬ما‭ ‬سِوى‭ ‬الوحدانيَّة‭ ‬،‭ ‬فَتَجرَّؤُوا‭ ‬على‭ ‬مُبَارزَتهِ‭ ‬بالعَدَاوةِ‭ ‬وأذاه‭ ‬،‭ ‬واشتدَّ‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬البَلاءُ‭ ‬،‭ ‬فهاجروا‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬خمسٍ‭ ‬إلى‭ ‬النَّاحية‭ ‬النَّجاشيَّة‭ ‬،‭ ‬وَحَدِبَ‭ ‬عليه‭ ‬عمُّه‭ ‬أبو‭ ‬طالب‭ ‬،‭ ‬فَهَابَهُ‭ ‬كُلٌّ‭ ‬من‭ ‬القَومِ‭ ‬وتَحامَاه‭ ‬،‭ ‬وفُرِضَ‭ ‬عليه‭ ‬قيام‭ ‬بعض‭ ‬السَّاعات‭ ‬الليليَّة‭ ‬،‭ ‬ثمَّ‭ ‬نُسِخَ‭ ‬بقوله‭ ‬تعالى ‭‬‮«‬فَاقْرَءُواْ‭ ‬مَا‭ ‬تَيَسَّرَ‭ ‬مِنْهُ‭ ‬وَأَقِيمُوا‭ ‬الصَّلاَةَ‮»‬ وفُرِضَ‭ ‬عليه‭ ‬ركعتانِ‭ ‬بالغَداةِ‭ ‬وركعتانِ‭ ‬بالعَشِيَّة‭ ‬،‭ ‬ثمَّ‭ ‬نُسِخ‭ ‬بإيجاب‭ ‬الصَّلوات‭ ‬الخَمْسِ‭ ‬في‭ ‬ليلةِ‭ ‬مَسْراه‭ ‬،‭ ‬ومات‭ ‬أبو‭ ‬طالب‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬شوَّال‭ ‬من‭ ‬عاشر‭ ‬البعثة‭ ‬وَعَظُمت‭ ‬بموته‭ ‬الرَّزيَّة‭ ‬،‭ ‬وَتَلتهُ‭ ‬خديجة‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثٍ‭ ‬،‭ ‬وشدَّ‭ ‬البلاء‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬وَثِيقَ‭ ‬عُراه‭ ‬،‭ ‬وأَوقَعتْ‭ ‬قُريشٌ‭ ‬به‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬كُلَّ‭ ‬أذيَّة‭ ‬،‭ ‬وأَمَّ‭ ‬الطائف‭ ‬يَدْعُو‭ ‬ثَقِيفاً‭ ‬،‭ ‬فلم‭ ‬يُحْسِنوا‭ ‬بالإجَابةِ‭ ‬قِرَاه‭ ‬،‭ ‬وأَغْروا‭ ‬به‭ ‬السُّفهاء‭ ‬والعَبيد‭ ‬فسبُّوهُ‭ ‬بألسُنٍ‭ ‬بَذيَّة‭ ‬،‭ ‬وَرَمَوَهُ‭ ‬بالحجارة‭ ‬حتَّى‭ ‬خُضِّبت‭ ‬بالدِّماء‭ ‬نَعْلاه‭ ‬،‭ ‬ثمَّ‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬مكَّة‭ ‬حَزيناً‭ ‬،‭ ‬فَسَألهُ‭ ‬مَلَكُ‭ ‬الجِبَال‭ ‬في‭ ‬إهلاك‭ ‬أهلها‭ ‬ذوي‭ ‬العَصَبيَّة‭ ‬،‭ ‬فقال ‭‬‮«‬ إنِّي‭ ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬يُخرج‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬أصلابهم‭ ‬من‭ ‬يَتَولاّه‮»  

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

ثمَّ‭ ‬أُسريَ‭ ‬بِروحِه‭ ‬وجَسدهِ‭ ‬يَقظة‭ ‬من‭ ‬المسجد‭ ‬الحرام‭ ‬إلى‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬ورِحَابهِ‭ ‬القُدسيَّة‭ ‬،‭ ‬وعُرِجَ‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬السَّموات‭ ‬،‭ ‬فرأى‭ ‬آدم‭ ‬في‭ ‬الأُولى‭ ‬وقد‭ ‬جَلَّلَهُ‭ ‬الوَقَارُ‭ ‬وعلاه‭ ‬،‭ ‬ورَأى‭ ‬في‭ ‬الثانية‭ ‬عيسى‭ ‬ابن‭ ‬البَتُولِ‭ ‬البرَّةِ‭ ‬النَّقيَّة‭ ‬،‭ ‬وابن‭ ‬خَالتِهِ‭ ‬يَحيى‭ ‬الذي‭ ‬أُوتيَ‭ ‬الحُكْمَ‭ ‬في‭ ‬حَالِ‭ ‬صِباه‭ ‬،‭ ‬ورأى‭ ‬في‭ ‬الثالثة‭ ‬يوسف‭ ‬الصِّدِّيق‭ ‬بصورته‭ ‬الجماليَّة‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬الرَّابعة‭ ‬إدريس‭ ‬الذي‭ ‬رَفع‭ ‬الله‭ ‬مَكانهُ‭ ‬وأعلاه‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬الخامسة‭ ‬هارون‭ ‬المُحَبَّبَ‭ ‬في‭ ‬الأُمَّةِ‭ ‬الإسرائيليَّة‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬السَّادسة‭ ‬مُوسى‭ ‬الذي‭ ‬كَلَّمهُ‭ ‬الله‭ ‬ونَاجَاه‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬السَّابعة‭ ‬إبراهيم‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬رَبَّهُ‭ ‬بسَلامةِ‭ ‬القلب‭ ‬وحُسْنِ‭ ‬الطَّويَّة‭ ‬،‭ ‬وحَفِظَه‭ ‬من‭ ‬نار‭ ‬نَمرُود‭ ‬وعَافاه‭. ‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

ثم‭ ‬عُرِجَ‭ ‬بِهِ‭ ‬إلى‭ ‬سِدْرَةِ‭ ‬المُنْتَهى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سَمِعَ‭ ‬صَرِيفَ‭ ‬الأقْلامِ‭ ‬بِالأمور‭ ‬المَقْضِيَّة‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬مَقَامِ‭ ‬المُكافَحَةِ‭ ‬الذي‭ ‬قَرَّبهُ‭ ‬الله‭ ‬فيه‭ ‬وأدناه‭ ‬،‭ ‬وأَماطَ‭ ‬لَهُ‭ ‬حُجُبَ‭ ‬الأنْوارِ‭ ‬الجَلالِية‭ ‬،‭ ‬وأَرَاهُ‭ ‬بِعَيْنَيْ‭ ‬رَأسِهِ‭ ‬من‭ ‬حَضْرَةِ‭ ‬الرُّبُوبِيَّة‭ ‬ما‭ ‬أرَاه‭ ‬،‭ ‬وبَسَطَ‭ ‬له‭ ‬بسَاطَ‭ ‬الإجلال‭ ‬في‭ ‬المجَالي‭ ‬الذاتية‭ ‬،‭ ‬وفَرَضَ‭ ‬عَليه‭ ‬وعلى‭ ‬أُمَّتِهِ‭ ‬خَمسينَ‭ ‬صلاة‭ ‬،‭ ‬ثمَّ‭ ‬انْهَلَّ‭ ‬سَحَابُ‭ ‬الفَضْلِ‭ ‬فَرُدَّتْ‭ ‬إلى‭ ‬خَمْسٍ‭ ‬عَمليَّة‭ ‬،‭ ‬ولها‭ ‬أَجْرُ‭ ‬الخَمسين‭ ‬كَمَا‭ ‬شَاءهُ‭ ‬في‭ ‬الأزَلِ‭ ‬وقَضَاه‭ ‬،‭ ‬ثمَّ‭ ‬عَادَ‭ ‬في‭ ‬لَيْلَته‭ ‬وصَدَّقَهُ‭ ‬الصِّدِّيق‭ ‬وكُلُّ‭ ‬ذِي‭ ‬عَقْلٍ‭ ‬ورَويَّة‭ ‬،‭ ‬وكَذبَتْهُ‭ ‬قُرَيْشٌ‭ ‬،‭ ‬وارتَدَّ‭ ‬مَنْ‭ ‬أضَلّهُ‭ ‬الشَّيْطانُ‭ ‬وأَغْواه‭. ‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

ثم‭ ‬عَرَضَ‭ ‬نفسهُ‭ ‬على‭ ‬القَبَائِل‭ ‬بأَنَّه‭ ‬رَسُولُ‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الموسِميَّة‭ ‬فآمَنَ‭ ‬به‭ ‬سِتَّة‭ ‬مِن‭ ‬الأنْصارِ‭ ‬اخْتَصَّهُمُ‭ ‬الله‭ ‬بِرِضَاه‭ ‬،‭ ‬وحَجَّ‭ ‬مِنْهمْ‭ ‬في‭ ‬القَابِلِ‭ ‬إثنَا‭ ‬عَشَرَ‭ ‬رَجُلاً‭ ‬وبايعُوهُ‭ ‬بَيعة‭ ‬حَقِّيَّة‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬انْصَرَفُوا‭ ‬،‭ ‬وظَهَرَ‭ ‬الإسلامُ‭ ‬بالمَدينةِ‭ ‬،‭ ‬فكانت‭ ‬مَعْقِلَه‭ ‬ومَأوَاه‭ ‬،‭ ‬وقَدِمَ‭ ‬عليهِ‭ ‬في‭ ‬الثالثة‭ ‬سَبْعونَ‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬وخمسة‭ ‬ٌ،‭ ‬أو‭ ‬وثلاثة‭ ‬ٌ،‭ ‬وامرأتانِ‭ ‬منَ‭ ‬القَبائلِ‭ ‬الأوسِيَّةِ‭ ‬والخَزرجِيَّة‭ ‬،‭ ‬فبايَعُوهُ‭ ‬وأمَّرَ‭ ‬عليهم‭ ‬إثنا‭ ‬عشَرَ‭ ‬نقيباً‭ ‬جَحاجِحَةٍ‭ ‬سَراة‭ ‬،‭ ‬وهاجَرَ‭ ‬إليهم‭ ‬منْ‭ ‬مكَّة‭ ‬ذوُو‭ ‬الملَّة‭ ‬الإسلاميَّة‭ ‬،‭ ‬وفارَقوا‭ ‬الأَوْطان‭ ‬،‭ ‬رَغْبَة‭ ‬فيما‭ ‬أُعِدَّ‭ ‬لمن‭ ‬هجَرَ‭ ‬الكُفْرَ‭ ‬ونَاوَاه‭ ‬،‭ ‬وخافت‭ ‬قُرَيْشٌ‭ ‬أن‭ ‬يَلْحَقَ‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بِأصْحَابِهِ‭ ‬على‭ ‬الفَوْريَّة‭ ‬،‭ ‬فَأْتَمَروا‭ ‬بِقَتْلِهِ‭ ‬،‭ ‬فحفِظَهُ‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬كَيْدِهِم‭ ‬ونجَّاه‭ .‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

وقد‭ ‬أُذِنَ‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الهجرةِ‭ ‬،‭ ‬فَراقَبَهُ‭ ‬المُشْرِكون‭ ‬لِيُورِدُوهُ‭ ‬بِزَعْمِهِم‭ ‬حِياضَ‭ ‬المَنِيَّة‭ ‬،‭ ‬فَخَرَجَ‭ ‬عليهم‭ ‬ونَثَرَ‭ ‬على‭ ‬رُؤُوسِهِم‭ ‬التُّرابَ‭ ‬وحَثاهُ‭ ‬،‭ ‬وأَمَّ‭ ‬غارَ‭ ‬ثَوْرٍ‭ ‬وفازَ‭ ‬الصِّدِّيقُ‭ ‬بالمَعِيَّة‭ ‬،‭ ‬وأقاما‭ ‬ثلاثاً‭ ‬تَحْمي‭ ‬الحَمائِمُ‭ ‬والعناكِبُ‭ ‬حِمَاه‭ ‬،‭ ‬ثُمَّ‭ ‬خَرَجَا‭ ‬منهُ‭ ‬ليلَة‭ ‬َالإثْنَين‭ ‬وهوَ‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬على‭ ‬خَيْرِ‭ ‬مَطِيَّة‭ ‬،‭ ‬وتعرَّضَ‭ ‬له‭ ‬سُرَاقة‭ ‬،‭ ‬فابتهَلَ‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬ودَعاه‭ ‬،‭ ‬فَساخَتْ‭ ‬قَوائمُ‭ ‬يَعْبُوبِه‭ ‬في‭ ‬الأرْضِ‭ ‬الصُّلبةِ‭ ‬القَويَّة‭ ‬وسَألهُ‭ ‬الأمانَ‭ ‬،‭ ‬فَمَنَحَهُ‭ ‬إيَّاه‭. ‬

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

ثُمّ‭ ‬مَرَّ‭ ‬بقُدَيْدٍ‭ ‬على‭ ‬أمِّ‭ ‬مَعْبَدٍ‭ ‬الخُزاعِيَّة‭ ‬،‭ ‬وأرادوا‭ ‬ابتياع‭ ‬لبنٍ‭ ‬أو‭ ‬لَحمٍ‭ ‬منها‭ ‬،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬خِباؤُهَا‭ ‬لشيءٍ‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬حَواه‭ ‬،‭ ‬فنظرَ‭ ‬إلى‭ ‬شاةٍ‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬قد‭ ‬خَلَّفَها‭ ‬الجَهْدُ‭ ‬عن‭ ‬الرَّعيَّة‭ ‬،‭ ‬فاسْتَأذنها‭ ‬في‭ ‬حَلْبِها‭ ‬،‭ ‬فأذِنَتْ‭ ‬وقالَتْ‭:‬ لو‭ ‬كان‭ ‬بها‭ ‬حَلَبٌ‭ ‬لأصَبْناه‭ ‬،‭ ‬فَمَسَحَ‭ ‬الضِّرْعَ‭ ‬منها‭ ‬ودعَا‭ ‬الله‭ ‬مَوْلاه‭ ‬ووَلِيّه‭ ‬،‭ ‬فَدَرَّتْ‭ ‬وحَلَبَ‭ ‬،‭ ‬وسَقى‭ ‬كُلاًّ‭ ‬من‭ ‬القَومِ‭ ‬وأَرْواه‭ ‬،‭ ‬ثُمَّ‭ ‬حَلَبَ‭ ‬ومَلأَ‭ ‬الإِناءَ‭ ‬وغادرهُ‭ ‬لَدَيها‭ ‬آية‭ ‬جَلِيَّة‭ ‬،‭ ‬وجاءَ‭ ‬أبو‭ ‬مَعْبَدٍ‭ ‬ورأى‭ ‬اللبنَ‭ ‬،‭ ‬فَذهَبَ‭ ‬بِه‭ ‬العَجَبُ‭ ‬إلى‭ ‬أقصاه،‭ ‬وقالَ‭:‬ أنَّى‭ ‬لَكِ‭ ‬هذا،‭ ‬ولا‭ ‬حَلُوبَ‭ ‬في‭ ‬البيتِ‭ ‬تَبِضُّ‭ ‬بقَطْرَةٍ‭ ‬لَبِنيَّة‭ ‬؟‭! ‬،‭ ‬فقالت: ‬مَرَّ‭ ‬بِنا‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬مُبارَكٌ‭ ‬كَذا‭ ‬وكذا‭ ‬جُثْمانُهُ‭ ‬ومَعْناه‭ ‬،‭ ‬فَقال‭ ‬لَها: ‬هذا‭ ‬صاحِبُ‭ ‬قُرَيْش،‭ ‬وأَقْسَمَ‭ ‬بِكلِّ‭ ‬إلهِيَّة‭ ‬بأنَّهُ‭ ‬لَو‭ ‬رَآهُ‭ ‬،‭ ‬لآمَنَ‭ ‬به‭ ‬واتَّبَعَهُ‭ ‬ودَانَاه‭ ‬،‭ ‬وقَدِمَ‭ ‬المَدينَة‭ ‬َيَوْمَ‭ ‬الاثنين‭ ‬ثاني‭ ‬عَشَر‭ ‬رَبيع‭ ‬الأوَّل‭ ‬،‭ ‬وأشْرَقَتْ‭ ‬به‭ ‬أرْجاؤُها‭ ‬الزَّكِيَّة‭ ‬،‭ ‬وتَلَقَّاهُ‭ ‬الأنْصار‭ ‬،‭ ‬ونَزَل‭ ‬بِقُبَاء‭ ‬وأسَّسَ‭ ‬مَسْجِدَها‭ ‬على‭ ‬تَقْواه‭.‬ 

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

وكان‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬أكْملَ‭ ‬النَّاسِ‭ ‬خَلْقاً‭ ‬وخُلُقاً‭ ‬ذا‭ ‬ذاتٍ‭ ‬وصِفاتٍ‭ ‬سَنيَّة‭ ‬،‭ ‬مَرْبُوِعَ‭ ‬القامَةِ‭ ‬،‭ ‬أبْيَضَ‭ ‬اللَوْنِ‭ ‬مُشْرَباً‭ ‬بِحُمْرَةٍ‭ ‬واسِعَ‭ ‬العَيْنَيْنِ‭ ‬أَكْحَلَهُما‭ ‬،‭ ‬أَهْدَبَ‭ ‬الأَشْفارِ‭ ‬قَدْ‭ ‬مُنِحَ‭ ‬الزَّجَجَ‭ ‬حاجِباه‭ ‬،‭ ‬مُفَلَّجَ‭ ‬الأَسْنانِ‭ ‬،‭ ‬واسِعَ‭ ‬الفَمِ‭ ‬حَسَنَهُ‭ ‬،‭ ‬واسِعَ‭ ‬الجَبينِ‭ ‬ذا‭ ‬جَبْهَةٍ‭ ‬هِلالِيَّة‭ ‬،‭ ‬سَهْلَ‭ ‬الخَدَّيْنِ‭ ‬يُرى‭ ‬في‭ ‬أَنْفِهِ‭ ‬بَعْضُ‭ ‬احْديْدابٍ‭ ‬،‭ ‬حَسَنَ‭ ‬العِرْنَيْنِ‭ ‬أَقْناهُ‭ ‬،‭ ‬بَعِيدَ‭ ‬ما‭ ‬بَيْنَ‭ ‬المَنْكَبَيْنِ‭ ‬،‭ ‬سَبْطَ‭ ‬الكَتِفَيْنِ‭ ‬،‭ ‬ضَخْمَ‭ ‬الكَرادِيس‭ ‬،‭ ‬قليلَ‭ ‬لحمِ‭ ‬العَقِب‭ ‬،‭ ‬كَثَّ‭ ‬اللِّحْيَة‭ ‬،‭ ‬عَظِيْمَ‭ ‬الرَّأْسِ‭ ‬،‭ ‬شَعْرهُ‭ ‬إلى‭ ‬الشَّحْمةِ‭ ‬الأُذنيَّة‭ ‬،‭ ‬وبَينَ‭ ‬كَتِفيْهِ‭ ‬خَاتَمُ‭ ‬النُّبُوَّةِ‭ ‬قد‭ ‬عمَّه‭ ‬النُّورُ‭ ‬وعلاه‭ ‬،‭ ‬وعَرَقُهُ‭ ‬كاللُّؤلُؤ‭ ‬،‭ ‬وعَرْفُهُ‭ ‬أطْيَبُ‭ ‬من‭ ‬النَّفَحاتِ‭ ‬المِسْكيَّة‭ ‬،‭ ‬ويَتَكَفَّأْ‭ ‬في‭ ‬مِشيتِهِ‭ ‬،‭ ‬كأَنَّما‭ ‬يَنْحَطُّ‭ ‬من‭ ‬صَببٍ‭ ‬ارتقاه‭ ‬،‭ ‬وكانَ‭ ‬يُصَافِحُ‭ ‬المُصافِحُ‭ ‬بِيَدِهِ‭ ‬فَيَجدُ‭ ‬منها‭ ‬سائرَ‭ ‬اليوم‭ ‬رَائِحة‭ ‬ًعَبْهَريَّة‭ ‬،‭ ‬ويَضَعُها‭ ‬على‭ ‬رأسِ‭ ‬الصَبيِّ‭ ‬،‭ ‬فَيُعْرفُ‭ ‬مَسُّهُ‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الصِّبْية‭ ‬ويُدْراه‭ ‬،‭ ‬يَتَلألأُ‭ ‬وَجْههُ‭ ‬الشَّريفُ‭ ‬تلألؤَ‭ ‬القمرَ‭ ‬في‭ ‬اللَّيلةِ‭ ‬البدريَّة‭ ‬،‭ ‬يقول‭ ‬نَاعِتُهُ‭:‬ لم‭ ‬أرَ‭ ‬قبلهُ‭ ‬ولا‭ ‬بَعدَه‭ ‬مِثلهُ‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬بَشَرٌ‭ ‬يَراه‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬شَديدَ‭ ‬الحياءِ‭ ‬والتَّواضُع‭ ‬يَخْصِفُ‭ ‬نَعلُه‭ ‬،‭ ‬ويَرْقعُ‭ ‬ثَوبه‭ ‬،‭ ‬ويَحلِبُ‭ ‬شاتَهُ‭ ‬،‭ ‬ويسيرُ‭ ‬في‭ ‬خِدمَةِ‭ ‬أَهلهِ‭ ‬بِسِيرَةٍ‭ ‬سَرِيَّة‭ ‬،‭ ‬ويُحبُّ‭ ‬المساكين‭ ‬ويجلسُ‭ ‬معهُم‭ ‬،‭ ‬وَيعودُ‭ ‬مَرضاهُم‭ ‬ويُشَيَّعُ‭ ‬جَنائزَهُم‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬يُحقُّرُ‭ ‬فقيراً‭ ‬دَقعهُ‭ ‬الفقْرُ‭ ‬وأشْواه‭ ‬،‭ ‬ويقْبلُ‭ ‬المَعْذِرَةِ‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬يُقَابِلُ‭ ‬أحداً‭ ‬بما‭ ‬يكرهُ‭ ‬،‭ ‬ويمشي‭ ‬مع‭ ‬الأرملةِ‭ ‬وذوي‭ ‬العُبُوديَّة‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬يَهابُ‭ ‬المُلُوكَ‭ ‬،‭ ‬ويغضبُ‭ ‬لله‭ ‬ويَرضى‭ ‬لِرِضَاه‭ ‬،‭ ‬ويَمشي‭ ‬خَلفَ‭ ‬أصحابِه‭ ‬ويقول‭‬: ‮«‬خَلُّو‭ ‬ظَهري‭ ‬للملائكةِ‭ ‬الرُّوحانيَّة‮»‬‭ ‬ ، ويَركبُ‭ ‬البعيرَ‭ ‬،‭ ‬والفَرسَ‭ ‬،‭ ‬والبغلةَ‭ ‬،‭ ‬وَحِماراً‭ ‬بعضُ‭ ‬المُلُوكِ‭ ‬إليه‭ ‬إهداه‭ ‬،‭ ‬ويَعُصِبُ‭ ‬على‭ ‬بطنِهِ‭ ‬الحجرَ‭ ‬من‭ ‬الجُوع‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬أُوتِيَ‭ ‬مَفاتيحَ‭ ‬الخَزائنِ‭ ‬الأرضيَّة‭ ‬،‭ ‬وراوَدَتْهُ‭ ‬الجِبَالُ‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬ذهباً‭ ‬،‭ ‬فَأباه‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬يُقِلُّ‭ ‬اللَّغوَ‭ ‬،‭ ‬وَيبدأ‭ ‬من‭ ‬لَقيهُ‭ ‬بالسلام‭ ‬،‭ ‬وَيُطيلُ‭ ‬الصَّلاة‭ ‬ويُقصِّرُ‭ ‬الخُطَبَ‭ ‬الجُمَعِيَّة‭ ‬،‭ ‬ويتألَّفُ‭ ‬أهلَ‭ ‬الشَّرفِ‭ ‬،‭ ‬ويُكْرِمُ‭ ‬أهل‭ ‬الفَضْلِ‭ ‬،‭ ‬ويَمزحُ‭ ‬ولا‭ ‬يقول‭ ‬إلاَّ‭ ‬حقَّاً‭ ‬،‭ ‬يحِبُّه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬ويَرضاه‭ ‬،‭ ‬وها‭ ‬هنا‭ ‬وَقَفَ‭ ‬بِنَا‭ ‬جَوادُ‭ ‬المَقَالِ‭ ‬عن‭ ‬الاطِّرادِ‭ ‬في‭ ‬الحَلْبةِ‭ ‬البيانيَّة‭ ‬،‭ ‬وبَلَغَ‭ ‬ظاعِنُ‭ ‬الإملاءِ‭ ‬في‭ ‬فَدافِدِ‭ ‬الإيضاحِ‭ ‬مُنْتَهاه‭.‬ 

عطِّر‭ ‬‬اللهم‭ ‬روضه ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬بِعَرفٍ‭ ‬شذِيٍّ‭ ‬مِن‭ ‬صلاةٍ‭ ‬وتسليم‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬صلِّ‭ ‬وسلّم‭ ‬وبارِك‭ ‬عليه‭ ‬وعلى آله

اللَّهُمَّ‭ ‬يا‭ ‬باسِط‭ ‬اليدين‭ ‬بالعَطِيَّة‭ ‬،‭ ‬يا‭ ‬من‭ ‬إذا‭ ‬رُفِعتْ‭ ‬إليه أكُفُّ‭ ‬العَبدِ‭ ‬كَفاه‭ ‬،‭ ‬يا‭ ‬من‭ ‬تَنَزَّه‭ ‬في‭ ‬ذاتِه‭ ‬وصِفاتِه‭ ‬الأحَدِيَّة‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬فيها‭ ‬نظائِرُ‭ ‬وأشْباه‭ ‬،‭ ‬يا‭ ‬من‭ ‬تفَرَّدَ‭ ‬بالبَقاءِ‭ ‬والقِدَمِ‭ ‬والأزَلِيَّة‭ ‬،‭ ‬يا‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يُرَجَّى‭ ‬غَيْرُهُ‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬يُعَوَّلُ‭ ‬على‭ ‬سِواه‭ ‬،‭ ‬يا‭ ‬من‭ ‬استَندَ‭ ‬الأنامُ‭ ‬إلى‭ ‬قُدرَتِه‭ ‬القَيُّومِيَّة‭ ‬،‭ ‬وأرشَدَ‭ ‬بِفضْله‭ ‬من‭ ‬استَرْشَدَهُ‭ ‬واستَهداهُ‭ ‬،‭ ‬نَسْألكَ‭ ‬بِأنوارِكَ‭ ‬القُدْسِيَّة‭ ‬التي‭ ‬أزاحَتْ‭ ‬من‭ ‬ظُلُماتِ‭ ‬الشَّكِّ‭ ‬دُجاه‭ ‬،‭ ‬ونَتَوَسَّلُ‭ ‬إليكَ‭ ‬بشَرَفِ‭ ‬الذاتِ‭ ‬المُحَمَّدِيَّة‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬آخِرُ‭ ‬الأنبِياءِ‭ ‬بصُورَتِه‭ ‬وأوَّلُهُم‭ ‬بمَعْناه‭ ‬،‭ ‬وبآلِه‭ ‬كَواكِبُ‭ ‬أمْنِ‭ ‬البَرِيَّة‭ ‬،‭ ‬وسفينَةِ‭ ‬السَّلامَةِ‭ ‬والنَّجاةِ‭ ‬،‭ ‬وبأصْحابه‭ ‬أُولِي‭ ‬الهِدايَةِ‭ ‬والأفْضَلِيَّة‭ ‬،‭ ‬الذينَ‭ ‬بَذلوا‭ ‬نُفوسَهُمْ‭ ‬لله‭ ‬يبْتَغُونَ‭ ‬فَضْلاً‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬،‭ ‬وبِحَمَلَةِ‭ ‬شَرِيعَتِهِ‭ ‬أُولي‭ ‬المَناقِبِ‭ ‬والخُصوصِيَّة‭ ‬،‭ ‬الذين‭ ‬اسْتَبْشَروا‭ ‬بنعْمَةٍ‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬تُوَفِّقَنا‭ ‬في‭ ‬الأقْوالِ‭ ‬والأعْمالِ‭ ‬لإخْلاصٍ‭ ‬النَّيَّة‭ ‬،‭ ‬وتُنجِح‭ ‬لِكُلٍّ‭ ‬من‭ ‬الحاضِرينَ‭ ‬مَطْلَبَهُ‭ ‬ومُناه‭ ‬،‭ ‬وتُخَلِّصَنا‭ ‬من‭ ‬أَسْرِ‭ ‬الشَّهَواتِ‭ ‬والأدْواءِ‭ ‬القَلْبيَّة‭ ‬،‭ ‬وتُحَقِّقَ‭ ‬لنَا‭ ‬من‭ ‬الآمال‭ ‬ما‭ ‬بِكَ‭ ‬ظَنَنَّاهُ‭ ‬،‭ ‬وتَكْفينا‭ ‬كُلَّ‭ ‬مُدْلَهِمَّةٍ‭ ‬وبَلِيَّة‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬تجْعَلْنا‭ ‬مِمَّنْ‭ ‬أهْواهُ‭ ‬هَواه‭ ‬،‭ ‬وتَسْتُرَ‭ ‬لكُلٍّ‭ ‬مِنَّا‭ ‬حَصْرَهُ‭ ‬،‭ ‬وعَجْزَهُ‭ ‬،‭ ‬وعَيَّهُ‭ ‬،‭ ‬وتُسَهَّلَ‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬صالِح‭ ‬الأعْمالِ‭ ‬ما‭ ‬عَزَّ‭ ‬ذراه‭ ‬،‭ ‬وتُدني‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬حُسْنِ‭ ‬اليَقينِ‭ ‬قُطُوفاً‭ ‬دانِيَة‭ ‬جَنِيَّة‭ ‬،‭ ‬وتَمْحُو‭ ‬عَنَّا‭ ‬كُلَّ‭ ‬ذنْبٍ‭ ‬جَنَيْناه‭ ‬،‭ ‬وتَعُمَّ‭ ‬جَمْعَنا‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬خَزائِنِ‭ ‬مِنَحِكَ‭ ‬السَّنِيَّة‭ ‬،‭ ‬بِرَحْمَةٍ‭ ‬ومَغْفِرَةٍ‭ ‬،‭ ‬وتُديمَ‭ ‬عَمَّنْ‭ ‬سِواكَ‭ ‬غِناه‭ ‬،‭ ‬اللهُمَّ‭ ‬آمنِ‭ ‬الرَّوعاتِ‭ ‬،‭ ‬وأَصْلِح‭ ‬الرُّعاةَ‭ ‬والرَّعِيَّة‭ ‬،‭ ‬وأعْظِمِ‭ ‬الأجْرَ‭ ‬لِمن‭ ‬جَعَلَ‭ ‬هذا‭ ‬الخَيْر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليَوْمَ‭ ‬وأجْراه‭ ‬،‭ ‬اللهُمَّ‭ ‬اجْعَلْ‭ ‬هَذِهِ‭ ‬البَلْدَة‭ ‬وسائرَ‭ ‬بِلادِ‭ ‬المُسلِمين‭ ‬آمِنَة‭ ‬رَخِيَّة‭ ‬،‭ ‬واسْقِنا‭ ‬غَيْثاً‭ ‬يَعُمُّ‭ ‬انْسِيابُ‭ ‬سَيْبهِ‭ ‬السَّبْسَبَ‭ ‬ورُباه‭ ‬،‭ ‬واغْفِرْ‭ ‬لِناسِخْ‭ ‬هذهِ‭ ‬البُرُودِ‭ ‬المُحَبَّرة‭ ‬المَوْلديَّة‭ ‬،‭ ‬جَعْفَرِ‭ ‬من‭ ‬إلى‭ ‬بَرْزَنْجَ‭ ‬نِسْبَتَهُ‭ ‬ومُنْتَماه‭ ‬،‭ ‬وحَقِّقْ‭ ‬له‭ ‬الفَوْزَ‭ ‬بِقُرْبِكَ‭ ‬والرَّجاءَ‭ ‬والأُمنيَّة‭ ‬،‭ ‬واجْعَلْ‭ ‬مَعَ‭ ‬المقَرَّبين‭ ‬مَقيلَهُ‭ ‬وسُكناه‭ ‬،‭ ‬واسْتُرْ‭ ‬له‭ ‬عَيْبه‭ ‬،‭ ‬وعَجْزَهُ‭ ‬،‭ ‬وحَصْره‭ ‬،‭ ‬وعيَّه‭ ‬،‭ ‬ولِكاتِبها‭ ‬وقارِئها‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬أَصَاغ‭ ‬سَمعه‭ ‬إليه‭ ‬وأصْغَاه‭ ‬،‭ ‬وصَلِّ‭ ‬وسلِّم‭ ‬وبارك‭ ‬على‭ ‬أوَّلِ‭ ‬قابلٍ‭ ‬للتَّجلي‭ ‬من‭ ‬الحَقِيقَةِ‭ ‬الكُليَّة‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وصَحْبِهِ‭ ‬ومن‭ ‬نَصَرَهُ‭ ‬وآواه‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬شُنِّفتْ‭ ‬الآذانُ‭ ‬مِن‭ ‬وَصفِهِ‭ ‬الدُّرِّي‭ ‬بأقْراطٍ‭ ‬جَوْهَرِيَّة‭ ‬،‭ ‬وتَحَلَّتْ‭ ‬صُدُورُ‭ ‬المَحافِل‭ ‬المُنِيفَةِ‭ ‬بِعُقُودِ‭ ‬حُلاه‭ ‬،‭ ‬وأفْضَل‭ ‬الصَّلاةِ‭ ‬وأَتَمُّ‭ ‬التَّسليم‭ ‬على‭ ‬سَيدنا‭ ‬ومولانا‭ ‬مُحمدٍ‭ ‬خاتم‭ ‬الأنبياء‭ ‬والمرسلين‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وصحبه‭ ‬أجمعين‭. ‬

سُبحان‭ ‬ربِّكَ‭ ‬ربِّ‭ ‬العِزَّةِ‭ ‬عَمَّا‭ ‬يَصِفُون‭ ‬،‭ ‬وسَلامٌ‭ ‬على‭ ‬المُرْسَلينَ‭ ‬،‭ ‬والحَمدُ‭ ‬لله‭ ‬ربِّ‭ ‬العالمين‭. ‬

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق