صلوات اليوم الثالث

العلي
اللهم يا عَلِيّ ، يا مَن عَلوتَ في ذاتِك عن المِثلِ والشَّبيهِ ، وعن المكانِ بعُلوِّ المكانةِ والرتبةِ ، وعن الجهاتِ بالإحاطةِ ، فأنتَ بِكلِّ شيءٍ مُحيطٍ ، ولا يُحاطُ بكَ عِلماً ، وعَلوتَ عن الزمانِ فكنتَ الأولَ بلا ابتداءٍ ، والآخِرَ بلا انتهاءٍ ، أبدياً ديمومياً سرمدياً ، صلِّ وسلِّم وبارك على سيدِنا محمّد ، عبد العليِّ ، وعلى آلِهِ ، الذي أعليتَ مَقامَهُ فجاوزَ سِدرةَ المُنتهى ، وأعليتَ قدرَهُ فصارَ نبياً للأنبياءِ بالإقرارِ لهُ بالنبوةِ وهُمْ في عالمِ الأرواحِ ، وأعليتَ هِمَّتَهُ فلمْ يلتفتْ لِغيركَ ، وآتيتَهُ المقامَ المحمودَ الذي انفردَ بهِ على سائرِ خلقِكَ فلمْ يَبلُغْهُ نبيٌّ ولا ملَكٌ ، صلِّ يا ربِّ عليه صلاةً تُعلي بها هِمَّتي عن سفاسفِ الأمورِ ، فلا أقنعَ إلا بأرفعِها قدْراً ، وتُعلي بها نفسي على شهواتِها فلا تعصيَك ، وعلى شيطاني فلا يُغوِيَني ، وعلى جسدي فلا يُردِيَني ، وعلى حِرصي فلا أَذِلَّ ، وعلى طَمَعي فأقنعَ بما رزقتَني وأقمتَني فيه ، وأعلوَ بها عن الباطلِ إلى الحقِّ ، وعن الحَيْرَةِ إلى الهِدايةِ ، وعن الجهلِ بالعِلمِ والمعرفةِ ، وعلى ضعفي بقوتِكَ ، وعلى عجزي بقدرتِكَ ، وعلى فقري بغناكَ ، فلا أرجوَ إلا إياكَ ، ولا أستعينَ بِسواكَ ، بتوفيقِكَ يا عليُّ يا كبيرُ يا حليمُ يا عليمُ يا اللّه

الكبير
اللهم يا كَبِيرُ يا أكبرُ يا اللّه صلِّ وسلِّم وبارك على سيدِنا محمّد ، عبدِ الكبيرِ ، وعلى آلِهِ ، الذي تعلّقَ وتخلّقَ وتحقّقَ بالكبيرِ ، فصَغُرَتْ أمامَهُ العقباتُ ، ولانَتْ لهُ الصّعابُ ، وأنارتْ بهِ المُدلَهِمّاتُ ، فتحقّقَ بذلكَ ، فكبُرَ في عيونِ الأكوانِ ، فوَسِعَها عِلماً ورحمةً وشفاعةً وهِدايةً ، صلاةً أُكبِّرُكَ بها تكبيراً ، وأحمدُكَ بها حمداً كثيراً ، وأُسبِّحُكَ بُكرةً وأصيلاً ، فأصيرَ كبيراً أمامَ أعدائي: نفسي وشيطاني ، فلا أخضعُ لِشهوةٍ أو غِوايةٍ ، بل أتكبَّرُ على الغفلةِ بالذكرِ ، وعلى المعصيةِ بالطاعةِ ، وعلى النفسِ بالمُخالفةِ ، فأصيرُ روحانياً مَلَكِياً مَلَكوتِياً ، مُطهَّراً بتوفيقِكَ ، يا كبيرُ يا مُتعالِ

الحفيظ
اللهم يا حَفِيظُ احفظْني بحفظِكَ ، واكْلأني بِكِلاءَتِكَ ، ويا حافظُ كما حفّظتَني كتابَكَ احفظْني "إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ” “فَاللَّهُ خَيْر حَفِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الْرَاحِمِينَ" ، صلِّ وسلِّم وبارك على سيدِنا محمّد ، عبدِ الحفيظِ ، وعلى آلِهِ ، الذي حفِظْتَهُ مِن الخَلقِ بِقولِكَ: "وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" ، وحفظْتَ كتابَهُ بِقولِكَ: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الْذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" فكانَ حفيظاً محفوظاً بِحفظِكَ ، عليماً بِتعليمِكَ وعِلمِكَ ، فحفِظْتَ بهِ مِن قَبْلُ نوحاً مِن الغرَقِ ، وإبراهيمَ مِن الحرَقِ ، وإسماعيلَ مِن العطشِ بِزمزمَ ، ومِن الذبحِ بالفداءِ ، وحفظْتَ والدَهُ عبدَ اللّهِ مِن الذبحِ بِمائةٍ مِن الإبِلِ ، وحفظْتَ الكعبةَ مِن الفيلِ بالطيرِ الأبابيلِ ، فبلّغَ شرعَكَ ودينَكَ على وِفقِ مُرادِكَ ، صلِّ يا ربِّ عليهِ صلاةً تحفظُني بها مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ ، في نفسي وعقلي ووِجداني ، وفي ديني ودُنيايَ وآخرَتي "لَهُ مُعَقِّبَتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ" ، فاجعلْني يا حفيظُ حافظاً لِكتابِكَ وسُنةِ نبيِّك صلى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّم ، مُحافظاً عليهما ، عاملاً بهِما ، مُبلِّغاً عبادَك سُبُلَ رشادِكَ ، حتى ألقاكَ على أكملِ حالٍ مِن الحفظِ والهدايةِ ، يا مَن هوَ على كلِّ شيءٍ حفيظٌ يا اللّه

المقيت
اللهم يا مُقِيتُ ، صلِّ وسلِّم وبارك على سيدِنا محمّد ، عبدِ المقيتِ ، وعلى آلِهِ ، الذي تعلّقَ بالمُقيتِ ، فكانَ يَبيتُ عندَ ربِّهِ فيُطعِمُهُ ويَسقيهِ ، فواصلَ الصيامَ ونهى غيرَهُ لِبيانِ كمالِ خُصوصيتِهِ ، وتخلّقَ بهِ فأطعمَ الجموعَ الغفيرةَ مِن الطعامِ القليلِ بِبركتِهِ ، وسقى الجيوشَ مِن الماءِ النابعِ مِن بينِ أصابعِهِ الشريفةِ ، ولَم يرُدَّ سائلاً إلا بِحاجتِهِ ، وحلبَ الشاةَ الحائلةَ وقتَ الجفافِ ، وحيثُما حلَّ حلَّ معهُ الرخاءُ ، وأشارَ إلى السماءِ فأمطرَتْ ، وغرَسَ النَّخَلاتِ بِيدِهِ فأثمرَتْ مِن عامِها ، وأقاتَ الأرواحَ بالحقائقِ ، والقلوبَ بالمعاني ، والأسرارَ بالأُنسِ والمشاهدةِ ، كما أقاتَ الأبدانَ بأطايِبِ الطعامِ والشرابِ ، وتحقّقَ بهِ فأُوتيَ مفاتِحَ خزائنَ الأرضِ في الدنيا ، ومفاتحَ الجنةِ في الآخرةِ ، صلاةً تكونُ لِبدني قوتاً ، ولِقلبي شِفاءً ، ولِروحي خَلاصاً وإخلاصاً ، ولِسِرّي حُباً وأُنساً واشتياقاً ، فأستغنيَ بالمُقيتِ عن القوتِ ، وأكونَ مُقيتاً لِغيري ، يا اللَّهُ يا مُقيتُ

الحسيب
اللهم يا حَسِيبُ في ذاتِكَ وصفاتِكَ جلالاً وشرَفاً وكمالاً ، ويا سريعَ الحسابِ ، يا ربَّ العِبادِ ويا كافيَ كلِّ مَن استعانَك ووالاكَ ، فنِعمَ الحَسْبُ أنتَ ونِعْمَ الوكيلُ ، صلِّ وسلِّم وبارك على سيدِنا محمّد ، عبدِ الحسيبِ ، وعلى آلِهِ ، الحسيبِ النسيبِ ، سيدِ وَلَدِ آدمَ ، الذي استكفاكَ فكَفَيْتَهُ ، واستعانَكَ فأعنتَهُ ، وتوكلَ عليكَ فكُنتَ حَسْبَهُ ، وعلَّمْتَهُ عدَدَ السنينَ والحسابَ مِن حركةِ الأفلاكِ ، لِيُعلِّمَ الناسَ مواقيتَ الصلاةِ ، وهِلالَ رمضانَ ، والأشهُرَ الحرامَ لِأداءِ الحجِّ والصيامِّ وزكاةِ الأموالِ ، ولِيعَلِّمَ الناسَ كيف تُسْتَوْفى الحقوقُ ، وتتَيَسَّرُ لهم أسبابُ المعاشِ وراحةُ البالِ ، وقلتَ في مُحكمِ الكتابِ: "هُوَ الْذِي جَعَلَ الْشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورَاً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ الْسِّنِينَ وَالْحِسَابَ" ، صلاةً تكونُ بِها حَسْبي ، فتكفِيَني وتهدِيَني لِأحاسِبَ نفسي فلا تُطغِيَني ، فأزدادَ إيماناً وإحساناً ، فأنتسِبَ إلى حبيبِكَ ومُصطفاكَ القائِلِ: "كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلّا مَا كَانَ مِنْ سَبَبِي وَنَسَبِي" ، وأنالَ مِن شرفِ قولِكَ: "يَأَيُّهَا الْنَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنينَ" ، لِأكونَ ممّنْ يدخلونَ الجنةَ بِغيرِ حسابٍ ولا سابقةِ عذابٍ يا ربَّ العالمينَ ، فأنتَ حسبي ونِعمَ الوكيلُ

الجليل
اللهم يا جَلِيلُ ، صلِّ وسلِّم وبارك على سيدِنا محمّد ، عبدِ الجليلِ ، وعلى آلِهِ ، الذي تجلَّيتَ عليهِ بصفةِ الجلالِ ، فحلَّيتَهُ بالهيبةِ والوقارِ ، فلمْ يَنظرْهُ إنسانٌ إلا أخذَتْهُ رِعْدَةٌ تحميهِ مِن سلطانِ جمالِ طلعتِهِ ، فصارَ جلالُهُ نِقاباً لِجمالِهِ ، فلا يفتَتِنُ ناظرُهُ كما حدثَ لِصواحِبِ يوسفَ ، ولا يتجرَّأُ عليهِ سفيهٌ لِكمالِ تواضعِهِ ، فصارَ الجلالُ حِصناً احتمى فيهِ الجمالُ ؛ توقيراً لهُ مِن السفهاءِ وأهلِ الجُرأةِ ، وحمايةً لأصحابِهِ مِن سلطانِ جمالِهِ ، صلاةً أُجِلُّ بِها قدْرَ هذا النبيِّ صاحبِ الجلالِ والجمالِ ، فأحتمي بِحِماهُ ، وأسلكَ سبيلَهُ سبيلَ الرشادِ ، وتورثَني شيئاً مِن جلالِهِ يحميني مِن تطاوُلِ أهلِ الجرأةِ عَلَيّ ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ

الكريم
اللهم يا كَرِيمُ في ذاتِكَ رِفعةً ، وفي صفاتِكَ جَمالاً وفي أفعالِكَ عطاءً وبَذْلاً مِن قَبلِ طلبِ الطالبينَ ، صلِّ وسلِّم وبارِك على سيدِنا محمّد ، عبدِ الكريمِ ، وعلى آلِهِ ، كريمِ الذاتِ شرفاً ورِفعةً ، جميلِ الصفاتِ خَلْقاً وخُلُقاً ، دائمِ العطاءِ مِن خزائنَ ربِّ العِبادِ ، وكيفَ لا وقدْ أُرسلَ رحمةً للعالمينَ ، فَفي كرَمِهِ كالسحابِ المُرسلةِ ، تَعُمُّ كلَّ العِبادِ والبلادِ والدوابِّ ، فهوَ لِلأكوانِ اليدُ العُليا التي هي خيرٌ مِن اليدِ السُّفلى ، فصارَ عائلاً للأكوانِ مِن خزائنَ الكريمِ ، "وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى" ، صلاةً تورثُني كَرَماً ورفعةً في ذاتي ، وجمالاً في صفاتي وأخلاقي ، وعطاءً لِكلِّ مَن سألني ورجاني ، حتى أسَعَ الناسَ بِأخلاقي إنْ لمْ أسَعْهُم بِأموالي ، يا اللّهُ يا غنيُّ يا كريمُ

الرقيب
اللهم يا رَقِيبُ ، صلِّ وسلِّم وبارك على سيدِنا محمّد ، عبد الرقيبِ ، وعلى آله ، الذي كانَ مِن كمالِ مُراقبتِهِ لِربِّهِ تنامُ عينُهُ ولا ينامُ قلبُهُ ، فصارَ مَحَلًّا لِتجَلِّيَّاتِ مولاهُ ، المُنعَكِسةِ مِنهُ على سائرِ الأكوانِ رحمةً للعالمينَ ، مُرَاقِبًا للأكوانِ رقابةَ رحمةٍ وهدايةٍ وشفاعةٍ وحُجَّةٍ وبُرهانٍ ، صلاةً أتعلَّقُ بالرَّقيبِ حياءً مِن رقابتهِ فلا أعصيَهُ، ورقابةً لِقلبي فلا يَغْفُلَ ، ولِروحي فلا تَفْتُرَ ، ولِسِرِّي فلا يغيبَ عن رُؤيةِ مولاهُ ، فأقومَ بِحقِّ الرِّعايةِ لِظاهري وباطني ، "فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" ، وأنْ أَرْقُبَ سيدَنا محمّداً صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ في أهلِ بيتِهِ، قِياماً بِحقِّهِم ، وفَناءً في حُبِّهم ، وأنْ أَرْقُبَ اللهَ في خَلْقِهِ ، فلا أظلِمَهُم ولا أخذُلَهُم ولا أحقِرَهُم ، بل أنصَحَهُم وأرعاهُم لِوَجهِكَ يا اللّهُ يا مَن هوَ على كلِّ شيءٍ رقيبٌ

المجيب
اللهم يا مُجِيبُ ، صلِّ وسلِّم وبارك على سيدِنا محمّد ، عبدِ المجيبِ ، وعلى آلِهِ ، أوَّلِ مُجيبٍ لِنداءِ كُنْ المُوجَّهِ للمعلومِ المعدومِ المرادِ إيجادُهُ فكانَ أولَ موجودٍ ، وأولَ مجيبٍ للعهدِ الأولِ يومَ "أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ" فقالَ : بَلَى ، وأولَ المسلمينَ ، وأولَ العابدينَ ، وأولَ مجيبٍ لِنداءِ البعثِ والنُّشورِ بقولِ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا فَخْرَ ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا فَخْرَ ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا فَخْرَ" ، صلاةً تورِثُني بها إجابةً لِكلِّ داعٍ للخيرِ ، فأكونَ أهلًا لاستجابَةِ الدعاءِ ، وقبولِ الرجاءِ ، مع المقربينَ يا مجيبُ يا اللّهُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق